الطـيـور الـمهاجـرة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الطـيـور الـمهاجـرة

°ˆ~*¤®‰« ô_°كفانا مكه موطناً°_ô »‰®¤*~ˆ°
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 كيف اكون داعيً الى الله

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ساكن الأفق




عدد المساهمات : 6
تاريخ التسجيل : 09/06/2011

كيف اكون داعيً الى الله Empty
مُساهمةموضوع: كيف اكون داعيً الى الله   كيف اكون داعيً الى الله Icon_minitimeالإثنين يونيو 13, 2011 2:43 am


الإنسان مكلَّف مسؤول

لازال حديثنا موصولاً عن الشباب، في الخطبة الماضية تحدثنا عن الشباب وأهمية مرحلة الشباب، ومسؤوليتنا عن الشباب، ودور الشباب في هذه الحياة، واليوم نتحدث بتفصيل أكثر، تفصيل مناسب عن واجبات الشباب في هذا العصر، واجبات الشباب المسلم، وإنما نركز على الواجبات قبل التركيز على الحقوق، لأن فلسفة الشريعة الإسلامية تعتبر الإنسان مكلفاً بالواجبات قبل كل شيء، الإنسان مكلف مسؤول قبل أن يكون مطالِباً سائلاً، الإنسان في الحضارة الغربية يقول: ماذا لي؟ والإنسان في ظل الرسالة الإسلامية يقول: ماذا عليَّ؟ وإذا أُديت الواجبات فقد رُوعيت الحقوق، لأن كل حق لإنسان هو واجب على غيره، حق المحكوم واجب على الحاكم، وحق المرأة واجب على الرجل، وحق الابن واجب على الأب، وحق الأب واجب على الابن، فإذا أُديت الواجبات، فقد رُعيت الحقوق، ومن هنا نتحدث عن واجبات الشباب المسلم في هذا العصر الذي نعيش فيه، والذي تتصارع فيه الدعوات والأفكار والمذاهب والفلسفات، وهو واجب الشباب المسلم في عصرنا.

الشعور بالمسؤولية

أول واجب للشباب المسلم وللشباب المسلم أن يستشعر المسؤولية، أن يعلم أنه مسؤول أمام الله عن هذه المرحلة الحيوية الهامة من عمره، أن الله سائله يوم القيامة "عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه" فعليه أن يُحضِّر لهذا السؤال الخطير جواباً، كيف أنفق سنوات عمره، فيما أضاع هذا الزمان، زمان القوة والحيوية الدافقة، لابد أن يراعي هذا وأن يشعر أنه مسؤول، والنبي صلى الله عليه وسلم وعظ شاباً يوماً فقال له: "اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك" أول ما نصحه به أن يغتنم شبابه قبل هرمه، فهذه هي المسؤولية الأولى، الواجب الأول، استشعار المسؤولية ليست فترة الشباب فترة لهو ولعب، من حق الإنسان أن يلهو اللهو البريء وأن يلعب اللعب المباح، وأن يرِّوح عن نفسه، ولكن ليس من حقه أن يضيع هذا الشباب في العبث والمجون والخلاعة، وأن يقول الشباب شعلة من الجنون، لا .. إن الشباب مرحلة من مراحل الإنتاج والعطاء، هذا هو الواجب الأول.

الاعتزاز بالإسلام

الواجب الثاني على الشاب المسلم أن يعتز بهذا الإسلام، ويؤمن بكماله وعظمته وأن الله أكرمه بخير كتاب أُنزل، وبخير نبي أُرسل، وبخير دين شُرِع، أن يشعر بالاعتزاز أنه مسلم، كما كان المسلمون الأولون (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون) الرجل الصالح ناجى ربه قائلاً:
وممــا زادني شرفاً وتيهـا
وكدت بأخمصي أطأ الثُريا
دخولي تحت قولك: يا عبادي
وأن أرسلت أحمد لي نبيا
إنه يعتز بهذا، كان أحدهم يقول:
أبي الإسلام لا أب لي سواه
إذا افتخروا بقيس أو تميم
وعندما سُئل سلمان الفارسي ابن من أنت؟ وكأن السائل يريد أن يقول له أنت لست من إحدى القبائل العربية، وكان يمكنه أن يقول: أنا ابن فارس، أنا ابن مدينة فارس، أنا ابن كسرى، ولكنه حينما قيل له "ابن من أنت؟" قال "أنا ابن الإسلام" نريد أن نعتز بإسلامنا، الله جعلنا بهذا الإسلام خير أمة أخرجت للناس، جعلنا به أمة وسطاً لنكون شهداء على الناس، ويكون الرسول علينا شهيداً، أي بوَّأنا مرتبة الأستاذية للبشرية كلها، لنكون شهداء عليها، نحن معلمون للبشرية، البشرية كلها في حاجة إلينا، صحيح أن الإنسان في الحضارة الغربية استطاع أن يحلق في الهواء كالطير وأن يغوص في البحر كالسمك ولكنه لم يستطع أن يمشي على الأرض كإنسان، لم يحسن التعامل مع نفسه ولا مع ربه ولا مع غيره، أفلست الحضارة الغربية بما فيها من نزعة مادية مجحفة وإباحية مسرفة، ولذلك أصبحوا يعانون الفراغ العقائدي، القلق النفسي، التفسخ الأسري، التحلل الخلقي، التخبط الاجتماعي، لم تسعدهم هذه الحضارة، استطاع الإنسان أن يصل إلى القمر ولكنه لم يستطع أن يُسعد نفسه على سطح الأرض، هم في حاجة إلى رسالة جديدة، رسالة تعطيهم الإيمان ولا تحرمهم العلم، تعطيهم الآخرة ولا تسلبهم الدنيا، تعطيهم حق التعبد ولكن لا تمنعهم التعامل مع طيبات الحياة، يحتاجون إلى رسالة متوازنة، هذه الرسالة المتوازنة نملكها نحن المسلمين، فعلينا أن نعتبر بهذا، وأن نعرف قيمة أنفسنا، وأول ما يجب عليه هذا الشباب، هذا هو الواجب الثاني.

حسن فهم الإسلام

الواجب الثالث: على الشباب أن يحسن فهم الإسلام، يحسن فقه هذا الدين "ومن يرد الله به خيراً يفقهه في الدين" لا يكفي أن تعتز بالإسلام وتقول نحن المسلمون، ونحن خير أمة، ونحن الأمة الوسط، دون أن تفهم دينك الذي تعتز به، لا بد أن تبذل جهدك في معرفة هذا الدين على حقيقته، إن المسلمين قد أتت عليهم أزمنة شوهوا هذا الدين، ولبسوه كما يلبس الفرو مقلوباً، كما قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، أساؤوا فهمه، جزَّؤوه تجزئة، جعلوه لحماً على وضب، فقطعوه تقطيعاً، والإسلام رسالة شاملة تشمل أمور الدنيا والآخرة، تشمل الحقوق والواجبات، تشمل الدين والسياسة والاقتصاد والاجتماع، تشرِّع للفرد وللأسرة وللمجتمع وللحكومة وللعلاقات الدولية، الإسلام رسالة شاملة للإنسان حتى قبل أن يولد وهو جنين في بطن أمه، وبعد أن يموت هناك أحكام تتعلق بالجنائز، فهي رسالة الإنسان في كل مراحل حياته، ورسالة الإنسان في كل جوانب حياته، لابد أن نفهم الإسلام بهذا الشمول، ونفهمه بهذا العمق، نحن في حاجة إلى أن نفهم الإسلام، ومن فضل الله أن المكتبة الإسلامية حافلة بالكتب التي تقدم الإسلام وتعرض الإسلام، ولكن المهم أن تحسن اختيار ما تقرأ، فليس كل ما تعرضه سوق الكتاب يُقرأ، هناك غثاء كثير، هناك الغث والسمين، هناك الرديء والثمين، أحسن الاختيار، واستشر بعض العلماء الثقات، قال أحد الحكماء: أخبرني ماذا تقرأ، أخبرك من أنت، لابد أن تحسن فهمك للإسلام، إذا أردت أن يريد الله بك خيراً، فتفقه في دينك، بالقراءة، بسماع الأشرطة، بحضور مجالس العلماء، ولكن عليك أن تميز بين ما يُسمع، وما ينبغي أن يُسمع، وما لا ينبغي أن يُسمع، ما يُقرأ وما لا ينبغي أن يُقرأ، هذا هو الواجب الثالث، أن تحسن فهم الإسلام، تحسن المعرفة بهذا الدين حتى تسير في هذا الدين على بصيرة، وتكون على بينة من ربك ومن أمرك، ولذلك كان السلف رضوان الله عليهم يقولون "إن عبادة بلا علم تُفسد أكثر مما تصلح" لا يمكن أن تؤدي العبادة على وجهها إلا بالعلم، قد تؤدى العبادة مع بدع وكل بدعة ضلالة، كيف تعرف المشروع من غير المشروع، المسنون من المُبتدَع، كيف تعرف الحلال من الحرام، كيف تعرف الصواب من الخطأ، هذا لابد من العلم، لابد من حسن الفهم لله ورسوله، هذا هو الواجب الثالث.

تخير المنهج الوسط

الواجب الرابع: أن تتخير المنهج الوسط، منهج التوازن والاعتدال، بعيداً عن الغلو والتقصير، كما قال الله تعالى (والسماء رفعها ووضع الميزان * ألا تطغوا في الميزان * وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان) لا طغيان ولا إخسار، لا غلو ولا تقصير، لا إفراط ولا تفريط، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول فيما رواه عن ابن عباس "إياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين"، يروى عن ابن مسعود أن النبي عليه الصلاة والسلام قال "هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون" المتنطعون المغالون المتعمقون، الذين خرجوا عن حد التيسير الذي جاء به القرآن والسنة، الغلو مهلك، التنطع مهلك، لذلك قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه "عليكم بالنمط الأوسط الذي يلحق به التالي، ويُرد إليه الغالي" المتأخر يجب أن يُلحق به، والذي سبق كثيراً يجب أن يعود إلى الوسط "عليكم بالنمط الأوسط" ويقول الإمام الحسن البصري "إن هذا الدين بين الغالي فيه والجافي عنه" نريد المنهج الوسط للأمة الوسط، نريد من شبابنا إذا فهم الإسلام ألا يغلو فيه، ولا يفرط فيه أيضاً، لا غلو ولا تفريط، نريد أن يهتم بالأصول قبل الفروع، وبالفرائض قبل النوافل، وبالمحرمات قبل المشتبهات، وبالكبائر قبل الصغائر، وبالكليات قبل الجزئيات وبالقطعيات قبل الظنِّيات، أو بالجوهر قبل الشك، نريد أن يفقه الأولويات في هذا الدين، ليست كل تعاليم هذا الدين وتكاليفه في مستوى واحد وفي مرتبة واحدة، هناك في المأمورات: العقائد، وهي في المرتبة الأولى، ثم الأركان والفرائض الركنية، الأركان الخمسة، ثم الفرائض غير الركنية، ثم الواجبات وهي شيء أقل من الفرض وفوق المستحب، ثم المستحبات وهكذا نجد سلماً للمأمورات ينبغي أن نعرف هذا السلم ونفقه أولوياته، وهناك من ناحية أخرى في جانب المنهيات هناك الكفر والشرك بالله تعالى الذي لا يغفره الله بحال (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) ثم هناك كبائر المحرمات تأتي بعد ذلك، والكبائر متفاوتة، بعض الأحاديث "ألا أدلكم على أكبر الكبائر" فهناك كبائر وهناك أكبر كبائر، وهناك الصغائر ـ صغائر المحرمات ـ وهناك المشتبهات التي لا يعلمهن كثير من الناس، مرتبة بين الحلال والحرام، وهناك المكروهات، هناك ما هو مكروهاً تحريماً، وهناك ما هو مكروها تنـزيهاً، المكروه تحريماً ما كان إلى الحرام أقرب، والمكروه تنـزيها ما كان إلى الحلال أقرب، هذه المراتب المتفاوتة يجب أن نعيها ولا نخلط بين بعضها البعض، هناك أناس يقيمون معارك من أجل سنة، والإنسان لا يُلام على ترك السنة، الرجل الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم "لا أزيد على هذا ولا أنقص" حينما ذكر له الفرائض من الصلاة والزكاة والصيام الخ "والله لا أزيد على هذا ولا أنقص يا رسول الله" فقال "من سرَّه أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا" لا داعي إذن أن تشعل الحرب وتنصب المعارك من أجل ترك سنة، هناك أناس كل همهم إشعال الحرب من أجل الأمور الخلافية، أتت لك فيها رأي ولغيرك فيها رأي، فلماذا لا تسع غيرك كما وسعك غيرك، لماذا تعتبر رأيك صواباً لا يحتمل الخطأ، ورأي غيرك خطأ لا يحتمل الصواب، لماذا لا تقول كما قال الإمام الشافعي "رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب" والاحتمال في كلا الجانبين، احتمال الخطأ في رأي، واحتمال الصواب في رأي غيري يقرَّب المسافة بين الطرفين، نريد من شبابنا أن يتجنب الغلظة والخشونة في الدعوة وأن يتبنى الحكمة والموعظة الحسنة كما أمر الله تبارك وتعالى، وللين والرفق، الله تعالى يقول لرسوله (ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) نريد أن يتبنى منهج الاعتدال والرفق وما دخل الرفق في شيء إلا زانه، ولا دخل العنف في شيء إلا شانه، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة في موقف من المواقف شددت فيه على اليهود الذين آذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بألسنتهم حين قالوا "السام عليك يا محمد" يعني الموت والهلاك عليك فقالت لهم "وعليكم السام واللعنة يا أعداء الله" فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم "يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله" قالت: "أولم تسمع ما قالوا يا رسول الله" قال "قد سمعت، وقد قلت وعليكم" فقالوا إن السام هو الموت والهلاك عليك، فقلت علي وعليكم، كما قال الله تعالى (إنك ميت وإنهم ميتون)، (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفئن مت فهم الخالدون) هكذا كان صلى الله عليه وسلم وهذا الرفق وهذا اللين، كأني ببعض الشباب يقرؤون قوله تعالى (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) كأنهم يضعون على الحاء نقطة وعلى السين ثلاث نقاط فيقرؤوها: بالتي هي أخشن، لا بالتي هي أحسن، الخشونة والغلظة في الدعوة لا ينبغي، هذا من منهج التوازن والوسطية والاعتدال الذي ينبغي أن يفهمه الشباب، فإذا فهم دين الله وفقهه، ينبغي أن يفقهه بهذه الصورة وبهذه الطريقة.

فهم الإسلام فهماً صحيحاً

ثم هناك واجب خامس بعد ذلك، بعد أن يفهم الإسلام ويفقهه قراءةً وسماعاً وحضوراً، ماذا عليه بعد ذلك، هل الإسلام مجرد ثقافة يمتلئ بها عقل الإنسان المسلم، هل الإسلام مجرد قراءة واطلاع، ربما وجدنا بعض المستشرقين يقرؤون الكثير والكثير من كتب الإسلام، لا لابد مع العلم من عمل، أول آية نزلت في كتاب الله أو أول الآيات التي نزلت في كتاب الله قوله تعالى (اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم)، الآية الأولى تأمر بالقراءة والقراءة مفتاح العلم، ولكن الآية التي نزلت بعد ذلك (قل يا أيها المدثر * قم فأنذر * وربك فكبر * وثيابك فطهر * والرجز فاهجر * ولا تمنن تستكثر * ولربك فاصبر) جاءت الآيات هذه الدفعة الثانية تأمر بالعمل، فالعلم لابد أن يصحبه عمل، العلم النظري وحده لا يكفي، سيكون حجة عليك يوم القيامة، حينما تُسأل ماذا عملت فيما علمت؟ لابد للإنسان أن يحوِّل علمه إلى عمل، أن يؤثر هذا العلم في واقع حياته، أن ينشئ حياة إسلامية صحيحة متكاملة، هذا هو الواجب على الإنسان المسلم، وعلى الشباب المسلم خاصة، العلم للعمل، علم بلا عمل كسحاب بلا مطر، أو كزرع بلا ثمر، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من العلم الذي لا ينفع، لابد أن ينفع العلم صاحبه، بأن يكون صورة لهذا العلم، مرآة تعكس ما تعلمه من دينه، أما أن يقرأ ويستوعب ولكنه بعيد عن تعاليم هذا الدين، هو في واد وتعاليم هذا الدين في واد آخر، هناك انفصال بين العلم والإرادة، بين العقل والقلب، بين الفكر والواقع، هذا ما لا يجوز، الله تعالى حينما وصف لنا الإيمان في القرآن، وصفه بأعمال جسده في أعمال وأخلاق (قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون * والذين هم عن اللغو معرضون * والذين هم للزكاة فاعلون * والذين هم لفروجهم حافظون)، (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون * والذين هم على صلواتهم يحافظون) أعمال، فنريد من الشباب المسلم أن يحولوا الفهم والفقه في الدين إلى أعمال بنَّاءة أعمال إيجابية، تنفع نفسه وتنفع المجتمع من حوله، هذا هو الواجب، لا يكفي القراءة ولا يكفي سماع المحاضرات، ولا يكفي الحضور على المشايخ، إذا لم يتحول ذلك كله إلى سلوك، المسلمون في العصور الأولى إنما نشروا الإسلام بأعمالهم وأخلاقهم، لا بكثرة الكلام ولا بكثرة العلم، العمل، السلوك، الأخلاق هي التي نشرت نور الإسلام في العالم، علينا في هذا العصر أن نكون كما كان أسلافنا رضوان الله عليهم، كان عمر رضي الله عنه يستعيذ بالله من المنافق العليم، قالوا: يا أمير المؤمنين كيف يكون منافقاً وعليماً، قال: "عالِم اللسان جاهل القلب" يعني أن علمه على لسانه ولم يصل إلى قلبه ليؤثر فيه، لم يصل إلى إرادته ليحركها نحو الخير ويحفزها إلى عمل الصالحات ويجنبها عمل السيئات، هذا هو المنافق العليم، عالم اللسان جاهل القلب، نريد الشباب المسلم أن يكون مرآة لما فهمه من الإسلام وأن يتجلى ذلك في عمله وسلوكه وأخلاقياته، في سلوكه مع نفسه، في سلوكه مع ربه، في سلوكه مع إخوانه، في سلوكه مع أسرته، في سلوكه مع مجتمعه، في سلوكه مع المسلمين ومع غير المسلمين، في سلوكه مع الإنسان وسلوكه مع الحيوان، حتى تتجلى الرحمة الإنسانية في هذا السلوك، كما قال الله تعالى (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) هذه الرحمة تتجلى في سلوك كل مسلم، ونريد من الشباب أن يكونوا مرآة لهذه الرحمة العامة التي بعث الله بها محمد صلى الله عليه وسلم والذي قال عن نفسه "إنما أنا رحمة مهداة".

العمل لخدمة المجتمع

هناك واجب سادس بعد ذلك هو أن يعمل الشاب لخدمة المجتمع، هذا عمل خاص، يعمل لإصلاح نفسه وتكوينها تكويناً متكاملاً، ثم يعمل على خدمة غيره وإصلاح غيره، لابد أن يعمل لخدمة المجتمع الذي يعيش فيه، المجتمع يحتاج إلى سواعد الشباب إلى همة الشباب، لا يجوز للشاب أن يستعلي على المجتمع أنه مثقف وهؤلاء الناس أمِّيون جاهلون، عليك أن تعلم الأمِّي، عليك أن تدرب العاطل إذا كان عندك قدرة على تدريبه، عليك أن توعي الناس التوعية الصحية، عليك أن تنشر في الناس الوعي بالنظافة ووجوب النظافة وإماطة الأذى عن الطريق، على الشباب أن ينزل إلى المجتمع حتى يتعلم المجتمع من جهل، حتى يستنير من ضلال، حتى يعرف طريقه الصحيح، كثير من الشباب في أيام العُطل لا يستفيد من هذه العُطل، هو متعطل، عُطلة كأنما عُطِّل عن كل شيء، ليس له عمل، ينبغي أن نشغل الشباب في هذه العُطل بعمل مثمر، وأعظم الأعمال ثمرة هو العمل لخدمة المجتمع من حوله، الإسلام يجعل أي عمل لخدمة المجتمع عبادة، إماطة الأذى عن الطريق صدقة، الكلمة الطيبة صدقة، تبسمك في وجه أخيك صدقة، أمر بمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، أي عمل تقدمه للناس هو صدقة، ليست كل الصدقات مالية فتقتصر على الأغنياء وأصحاب الثروات، هناك صدقات اجتماعية، صدقات ثقافية، صدقات علمية، يستطيع كل إنسان أن يقدم بها ما يستطيع لخدمة مجتمعه، نحن جزء من المجتمع، فلابد أن نعرف ماذا علينا لهذا المجتمع، حتى ننهض به ونرقى بمستواه، ويتبوأ مكانته تحت الشمس، هذا واجب الشاب المسلم، أن يفكر في خدمة هذا المجتمع ويرقى به.

الدعوة إلى الإسلام

وواجب سابع بعد ذلك هو أن يدعو المجتمع إلى الإسلام كما تعلَّم هو الإسلام وفهم الإسلام، عليه أن يعلِّم غيره، وأن يدعو غيره إلى الإسلام، أن يعمل للإسلام كما عمل بالإسلام، لقد عمل بالإسلام وأصبح صورة طيبة، لا يكفي هذا، الإسلام يفرض على كل مسلم أن يدعو غيره، أصلح نفسك وادع غيرك (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين) كل مسلم مخاطب بقول الله تعالى (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) هذا خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولكل من يتأتى خطابه من الأمة، الله تعالى يقول لرسوله (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن ابتعني وسبحان الله وما أنا من المشركين)، (وأدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني) فإذا كنت ممن اتبع محمداً صلى الله عليه وسلم فيجب أن تكون داعياً إلى الله وداعياً على بصيرة، هكذا كل مسلم يدعو إلى الله بما استطاع على اختلاف مستويات الناس ومراتبهم، هناك من يدعو بتأليف الكتب، وهناك من يدعو بإلقاء الخطب، وهناك من يدعو بإلقاء الدروس، وهناك من يدعو بالأسوة الحسنة، بالكلمة الطيبة بالصحبة الصالحة، بترغيب الناس في الخير، على قدر ما يستطيع، كلنا دعاة إلى الإسلام خصوصاً الشباب، الشباب يجب أن يحمل رسالة الإسلام إلى المسلمين في داخل المجتمع الإسلامي وإلى غير المسلمين، إذا كان النصارى يحاولون نشر دينهم في العالم، وجنَّدوا لذلك حوالي خمسة ملايين من المنصرين والمنصرات، خمس ملايين إلا ربع تقريباً، نشروهم في أنحاء العالم، ونحن أصحاب الدين العالمي، والدين الخالد والخاتم، كيف لا نقوم بهذا! يجب أن نهتم بأمر ديننا، أن نجنِّد أنفسنا لهذا الدين، قبل أن ننشره في العالم، يجب أن ننشره في مجتمعنا، أن نوعي به المسلمين، أن نرد المسلمين إلى الله رداً جميلاً، أن نُمسِّكهم بحقيقة الإسلام، هذا هو واجب المسلمين عامة وواجب الشباب خاصة، الشباب في العصور الأولى لم يكن عليهم مثل ما علينا، علينا الآن أكثر مما كان عليهم، الشباب في تلك العصور نشئوا في ظل الخلافة الإسلامية، وفي ظل أمة واحدة وشريعة محكَّمة، وسيادة من أنفسهم على أنفسهم، أما نحن الآن فنحن في أمة ممزقة وشريعة معطلة، وسيطرة من القوى الأجنبية على ديارنا، وتَحكّم من العلمانيين ـ في معظم العالم الإسلامي ـ في رقابنا، على الشباب أن يحمل همّ الرسالة أن يحمل همّ الأمة، ألا يعيش فارغاً كما عاش غيره، ويل للخلي من الشجي، لابد أن يحمل همّ الأمة ويشعر بالقلق عليها، هذا هو واجب الشباب في عصرنا، لا نريد هذا الشباب المتسكع، الذي لا معنى له ولا قيمة له، والذي يمشي في الطرقات ليعاكس الفتيات، أو الذي يجلس في البيت ليتصل بالتليفونات، هذا شباب فارغ، هذا في ميزان الرجال لا يساوي فلساً، نحن نريد الشباب المؤمن القوي "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف" نريد الشباب القوي في فكره، القوي في إيمانه، القوي في أخلاقه، القوي في جسمه القوي في عزمه، في روحه، هذه القوة هي المطلوبة في شبابنا المسلم، نظر عمر بن الخطاب إلى شاب يصلي في المسجد فوجده يطأطأ رأسه ورقبته فقال له "يا هذا لا تُمِت علينا ديننا أماتك الله، ارفع رأسك فإن الخشوع في القلوب وليس الخشوع في الرقاب" ورأت إحدى الصحابيات بعض الفتيان يمشون في الطريق متماوتين، فسألت: ما هؤلاء؟ قالوا: هؤلاء نُسَّاك أي عُبَّاد، فقالت لهم "لقد كان عمر إذا مشى أسرع، وإذا تكلم أسمع، وإذا ضرب أوجع، وكان هذا هو الناسك حقاً" كل شيء عنده فيه قوة، إذا تكلم يسمع، وإذا مشى يسرع، وإذا ضرب يوجع، هذا هو الناسك حقاً، نريد من الشباب أن يتمثل هذه القوة، في حياته، وأن يعيش بهمِّ الإسلام ونشر الإسلام، وتعليم الإسلام نريد أن يكون للإسلام رجال كما أن لليهودية رجالاً، أقاموا لها دولة في ديارنا، وكما أن للنصرانية رجالاً يريدون أن ينشروها في العالم، وكما للبوذية وللوثنيات المختلفة الآن أناس ينشرونها في أمريكا وفي الغرب، لماذا لا يوجد للإسلام رجال يبتنون رسالته، ويحتضنون همومه ويعيشون لأمته، هذا هو الذي ينبغي وأول من يجب عليهم هذا هم الشباب أمل الأمة، وعمادها ومستقبلها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كيف اكون داعيً الى الله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الطـيـور الـمهاجـرة :: المنتدى الأسلامي :: الدعوه والأرشاد-
انتقل الى: